الأدب مع الله عزّ وجلّ
هو رأس الأمر وعموده وأهم ما يقدمه العبد في دنياه ، وهو ما يوصله للمنازل العالية والدرجات العظيمة ..
فالأدب مع الله عزّ وجلّ سلوك الأنبياء والصالحين ، وإذا كان التأدب مع أصحاب الفضل واجباً فإن من أوجب الواجبات التأدب مع الله سبحانه وتعالى .
لذلك على المسلم أن يسعى للتأدب مع الله سبحانه وتعالى ، فيوحدّه في ربوبيته وأسمائه وصفاته ، ويُفرده بجميع أنواع الطاعة ،
ويتوكّل عليه حق التوكل فيؤمن ويسلّم بكلّ ما قدّره الله عزّ وجلّ وقضاه ، ويحمده على السراء والضراء ...
ويؤدي ما أوجبه عليه من أنواع العبادة ويجتنبه كل ما نهى عنه ، وأن يخشاه عزّ وجلّ في سرّه وخلوته كما يخشاه في العلن وأمام الناس .
يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه مدارج السالكين :
" والمقصود : أن الأدب مع الله تبارك وتعالى : هو القيام بدينه ، والتأدب بآدابه ظاهرا وباطنا ، ولا يستقيم لأحد قط الأدب مع الله إلا بثلاثة أشياء : معرفته بأسمائه وصفاته ،
ومعرفته بدينه وشرعه ، وما يحب وما يكره . ونفس مستعدة قابلة لينة ، متهيئة لقبول الحق علما وعملا وحالا "
ويقول أيضاً رحمه الله :
" الأدب مع الله ثلاثة أنواع:أحدها صيانةُ معاملته أن يشوبها بنقيصةٍ،الثاني:صيانة قلبه أن يلتفت إلى غيره،الثالث:صيانة إرادته أن تتعلق بما يمقتك عليه "

من صور الأدب مع الله عزّ وجلّ :
1 - توحيده سبحانه وتعالى والحذر من الوقوع في الشرك صغيره وكبيره ، قال تعالى : {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا} [النساء: 36]
وقال الله تعالى: { وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 88]
2 - الإخلاص له سبحانه وتعالى في كل شيء ، فإن الله عزّ وجلّ لا يقبل إلاّ ما كان خالصاً له بعيدا عن الرياء ،
يقول الفضل بن عياض رحمه الله : " كان يقال : لا يزال العبد بخير ما إذا قال : قال لله ، وإذا عمل : عمل لله "
3 - محبته وتوجيه القلب والجوارح للعمل بها قال تعالى: {والذين آمنوا أشد حبًّا لله} [البقرة: 165].
4 - حمده وشكره على نعمه التي لا تعدّ ولا تحصى ، قال تعالى : { وَمَا بِكُم مِّن نِّعمَةٍ فَمِنَ اللهِ } [ النحل: 53]
5 - تعظيمه وتوقيره وتعظيم شعائره قال الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } [الزمر: 67]، وقال تعالى: { مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً }[ نوح :103]،
وقال أيضاً :{ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } [الحج :32]
6 - عدم التقول عليه سبحانه وتعالى بغير علم ، قال تعالى :
{ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ } [النحل:116]
7 - استشعار مراقبة الله عزّ وجلّ في السر والعلانية وأنه مطلع علينا وأننا في ملكه وقبضته قال تعالى: {وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } [التغابن: 4]
8 - الخشية والخوف منه ورجاؤه قال الله تعالى :{ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي } [البقرة :105]،وقال سبحانه وتعالى :{ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } [آل عمران: 175]،
وقال تعالى :{ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً } [الإسراء:57 ]
9 - التوبة والإنابة إليه وطلب المغفرة منه قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً } [النساء :64]
10 - دعاؤه والتضرع إليه والانكسار بين يديه قال الله تعالى:
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } [البقرة 186]
وقوله عز وجل: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّع َ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } [النمل 62]
11 - الرضا بقضاء الله،فلا يجزع ولا يسخط و ذلك من علامات قوّة الإيمان به سبحانه وتعالى ،
قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ -
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ -أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155-157].
12 - التوكل عليه سبحانه وتعالى في كل الأمور، قال تعالى : {وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَىِّ ٱلَّذِى لَا يَمُوتُ} [الفرقان: 58]
وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا } [الطلاق:3]
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا )
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]-الراوي: عمر بن الخطاب المحدث: ابن حبان - المصدر: المقاصد الحسنة
خماصا :أي جائعة ، بطانا: أي شبعى

نرجو الاستماع إلى هذه المحاضرة الشيقة والممتعة والمُفيدة للشيخ محمد حسين يعقوب حفظه الله ورعاه : [ الأدب مع الله ]
للوصول إلى صفحة هذه المحاضرة ، اضغطي بارك الله بكِ هُنا ..

أخواتي الحبيبات ، ما ذُكر في الشرح هو غيض من فيض ..
فإن راودك الاستفسار لا تتردّدي بطرحه !
نحن هنا لنُفيد ونستفيد :)

- جزا الله كل من نقلنا عنه حرف خير الجزاء وأعظمه ونفع به أمّة الحبيب محمّد صلّى الله عليه وسلّم -
على كلّ أخت مشتركة بالدورة تسجيل حضورها لكل أدب من آدابنا المتناولة على صفحات هذا الموضوع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق